الخميس، 2 أكتوبر 2014

دولة خارج الدولة


دولة خارج الدولة



عشوائيات قلم - أحمد عبدالله جحاف : من المصطلحات السياسية الشائعة بما يشبه الإسهال في الآونة الأخيرة مصطلح "دولة داخل دولة". وإذا كان هذا المصطلح محبباً وأثيراً لدى أعضاء ما يسمى بالاصطفاف الوطني (حزب الاصلاح) الذين يستخدمونه بتناغم مذهل لتوصيف جماعة أنصار الله (الحوثيين), إلا أنه ليس مقتصراً عليهم حيث سمعناه مؤخراً من جماعة 14 آذار اللبنانية في وصفهم لحزب اللـه والمقاومة اللبنانية، كما أن المصطلح يستخدم بين الفينة والأخرى في مناطق أخرى من العالم, ففي أفغانستان ـ رغم تحريرها على أيدي الأمريكيين وقوات التحالف الدولي ـ دولة داخل دولة, وفي منطقة القبائل في باكستان ـ رغم أسلحتها النووية ـ دولة داخل دولة, وحتى الشركات الكبرى العملاقة سواء كانت شركات اتصالات على مقاس بلد عربي صغير كاليمن أو لبنان أو كبير كمصر, أو كانت شركات معلوماتية وتكنولوجيا ضخمة كميكروسوفت أو غوغل أو غيرها, أو كانت كارتلاً نفطياً أو صناعياً أو .. أو... أو ربما مافيات فساد من تصنيف خمسة نجوم فما فوق.... كلها يمكن أن يعبر عنها أحياناً بمصطلح دولة داخل دولة. إذن ليس ثمة ضوابط أومعايير دقيقة لاستخدام المصطلح, فالسلاح وقرار السلم والحرب الللذان كان يتخذهما اصحاب النفوذ العسكري والقبلي سابقاً حججاً وأسباباً ضد جماعة أنصار الله لوصفه بـ "دولة داخل دولة" ليسا موجودين لدى الشركات الكبرى العملاقة, كما أن المال والنفوذ الاقتصادي المتوفرين لدى هذه الشركات ليسا موجودين لدى أنصار الله في اليمن أو حزب الله في لبنان أو في باكستان وأفغانستان, وهكذا تتنوع الحجج وتتعدد الأسباب والمصطلح واحد. 

على أن لمصطلح "دولة داخل دولة" وجهاً آخر وجيهاً ومنطقياً وهو "دولة خارج دولة", لأنه لا يمكن نظرياً وعملياً ورياضياً وهندسياً أن تكون هناك دولة داخل دولة بدون أن تكون بموازاتها دولة خارج دولة. وليس هذا الكلام مجرد لعب على الكلام أو تنظير فارغ كما قد يخيل للبعض, كما أنه ليس سخرية خشبية كما قد يصفه آخرون, بل إن له أسساً وتجليات واقعية يمكن الإشارة إليها بكل سهولة ويسر في جميع الأمثلة التي ذكرناها أعلاه. فمثلاً في اليمن: دولة باسندوة "حكومة الوفاق" ووزرائه هي خارج دولة أنصار الله الموجودة في مخيلاتهم وتصريحاتهم وأدبياتهم, وهم لا ينكرون هذا بل يفخرون به, فهي إذن دولة خارج دولة! ولكن الأنكى والأمر حتى بالنسبة لمراقب محايد ومتوازن هو أن دولة باسندوة ووزرائه من خلال تعاطيهم وسلوكهم في مختلف النواحي والظروف ـ سواء في الجرائم الارهابية التي حدثت في معظم محافظات الجمهورية أو في الازمة الاقتصادية التي افتعلتها الحكومة أو في الأزمة السياسية الراهنة أو... أو... ـ هي كذلك خارج إرادة الجزء الأكبر من الشعب اليمني, أي هي خارج اليمن, أي إنها بالعربي الفصيح دولة خارج الدولة. وتصبحون على... دولة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق