لو لم أكن يمنياً
أحمد عبدالله جحاف http://jahaf.blogspot.com
كتب الله على اليهود التيه فى الصحراء
، وكتب على اليمنيين التيه بين القنوات الفضائية والتباس الأحداث والتراشق في
الصحف وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعى .
لو لم أكن يمنيا ممن كُتب عليهم أن
يروا فيديو واحد ويسمعوا بخصوصه حقيقتين مختلفتين كلاهما يقبل التصديق وكلاهما يقع
على طرف النقيض من الأخر ، لو لم اكن هذا اليمني لوددت أن أكون صيادا أعيش على كوخ
مطل على البحر مع من أحب . أقضى الصباح فى الصيد والتأمل، والليل أحتسى الشاى على
أنغام راديو صغير يبث اغانى فيروز من إذاعة لا تذيع غيرها !
لو لم أكن يمنيا ممن كُتب عليهم
الإختيار بين أن يكونوا من بقايا النظام او من بقايا الثورة ، حيث لا مجال لإختيار
عدم الإختيار، وحيث تهم العمالة والخيانة تُوزع يمنيا ويسارا وبدون مقابل ، لو لم
أكن هذا اليمني لوددت أن أكون مزارعا ، تمتد الأرض بلا نهاية أمامي، اقضى الصباح
فى رعاية أرضي، وأنام فى احضانها ليلا بعد أن أكل ما تخرجه من خير دون أن يتسرب
لنفسى هم التفكير فى الغد المظلم .
لو لم أكن يمنيا ممن اصبحت دماؤهم
ارخص من علبة دخان وعقولهم كرة قدم يتناقلها اعلاميين هواة لتمنيت أن أكون حيوانا
او جمادا .. فمن الحيوانات من هم اكثر رحمة منا ، ومن الجماد من رُحم عقله من
التفكير فى حقائق لم تعد حقائق ، ودولة ... لم تعد دولة
عند هذه اللحظة تتحول الكتابة من فعل
ازاحة هم لعبء اكتساب مسئولية ، عندما يطالبك كل قارىء أن تكتب له هو فقط بينما
تكتب انت لنفسك فقط ، وعندما يتلاعب مؤشر الوورد بعقلك ينتظر اشاراتك بالمزيد من
الكتابة عن حقيقة غائبة ووجهات نظر جاهلة ودم سائل ... وانهيار قادم
عند هذه اللحظة يفترق الاصدقاء بفعل
الاختلافات السياسية ، تنشق البيوت على بعضها ويفترق الازواج وتحرم الزيارات بين
العائلات المنقسمة بين صرخة وحصان وشمس وبقايا نجمة حمراء ، عندما تكتسب العيون فى
الشوارع تلك النظرة العدائية الحيوانية المستعرة بلا هدف : انت معانا ولا معاهم ؟
السؤال الاهم هنا : احنا من اصلا ؟! احنا هم ام غيرهم ؟ عندما تشتعل الشجارات
السياسية على المقاهى ويتحدد لون المقهى السياسى من اختياراته الفضائية لمتابعة
الاخبار .
عند هذه اللحظة .. وهذه اللحظة بالذات
، تدرك أن البقاء فى اليمن إختبار بحد ذاته ، اختبار بلا منهج لزمن بلا نهاية ،
ولا خروج فى منتصف الوقت المحدد للإجابة إلا بالإنتحار .
الإنتحار هو الحل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق