الجمعة، 24 يناير 2014

حواري مع نزار قباني ؟!!


حواري مع نزار قباني ؟!!
أحمد عبدالله جحاف 


فجاة جاءتني نوبة الصرع...
انتقلتُ إلى عالم آخر و خرجتُ بأفكاري متحرراً من جسدي الضعيف!
لا تحزنوا عليّ و لا تشفقوا على حالي و إن كنتُ صريعَ الأرض و الــزَبَدُ يخرجُ من فمي و عينايَّ في ثباتٍ و جحوظ...
لا ترتعبوا من نوبتي , لا ترتعبوا من خلل كهربائي في خلايا دماغي و عصبوناتها الرمادية و الخلايا الرغوية في هامتي!!
لقد تحررتُ من الزمان الاسود وِفـْقَ معادلات آينشتاين فوصلتُ حاجزاً يفصل بيني و بين عالم البرزخ , عندها التقيتُ مع أصحاب نوبات الصرع أمثالي وهم كثر و أذكر فيما أذكر من المصروعين الذين بادلتهم و بادلوني السلام: ( الفيلسوف الإغريقي فيثاغورث , و اليوناني سقراط و أرسطو و حتى نيوتن و نوبل والأديب الاسكتلندي والتر سكوت والصغيرة جان دارك والروائي الروسي ديستويفسكي، والفرنسي جوستاف )..
و بعد أن سلــّمتُ على مصاريع العالم من المشاهير في نوبتي قررتُ أن أبحث عن الموتى و شهداء زمان والرموز العربية والادبية .. نعم سلــّمت على السابقين و نحن اللاحقون , نعم سلــّمت عليهم في نوبتي فالذين ردّوا عليّ السلام منهم من قال لي :
الحمد لله أننا خرجنا من هذه الدنيا بخير و سلام فالقادم أعظم ,,,,
و منهم من طمأنني بأن القادم أفضل...
و لكن سعادتي كانت أن التقيت بالشاعر نزار , لا تستغرب نعم نزار قباني و بجانبه البوعزيزي كوردة حمراء و رغم الحاجز الذي يفصل بيننا عجبت من أن الشاعر نزار ما زال يلقي شعراً لزواره:
يا تونس الخضراء جئتك عاشقا * وعلى جبيني وردة وكتاب
أنا يا صديقة متعب بعروبتي*** فــهل العروبة لعنة وعقاب
فأردتُ استفزازه أكثر فقلتُ له :
بلا عروبة بلا بطيخ ....فنحن في زمن الطاخ و الطيخ!!
و يبدو أن من حولي الكثير من اقربائي والذين في عالم الدنيا كانوا يكبّرون عليَّ حتى أصحو من نوبتي التي كنتُ أصيح فيها طاخ طيخ ...
و يبدو أنني فعلاً صحوت قليلا إلا أن نوبتي عادت لتشتد أكثر فأكثر و بدأت أدخل عالماً بأضواء برّاقة , و أرى مجدداً تلك الشخصيات تكبر و تصغر , و لكنني لم أتوان في البحث مجدداً عن الشاعر نزار فهذه فرصة لا تـُفوت , تابعتُ البحث حتى و جدتـُه , فصافحتـُه , و الحاجز ما زال بيننا فشدّني إلى الأعلى فارتفعنا سوياً ....و مع أنه كانت هنالك أصوات غريبة تشتد في فصوص دماغي و صريراً يشوش سمعي إلا أن صوت نزار استمر و نحن نحلق فوق دمشق و ضواحيها قائلاً :
قمر دمشقي يسافر في دمي*** وبلابل وسنابل وقباب
الفل يبدأ من دمشق بياضُه**وبعطرها تتطيب الأطياب
فقلت له ألست القائل يا نزار في أهل دمشق:
عندما يولدُ في الشرق القمرْ..
فالسطوحُ البيضُ تغفو
تحت أكداس الزَهَرْ..
يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ
لملاقاةِ القَمَرْ..
يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ
و معدات الخدَرْ..
و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ
و صُوَرْ..
و يموتونَ إذا عاش القمر..
ألست يا نزار قلت هذا متهما أهل دمشق بالتحشيش فأجابني قلتها في حالة خاصة و ليست في عامة أهل دمشق فلكل زمان شواذ بل أقول في دمشق :
و الماء يبدأ من دمشق فحيثما **أسندت رأسك جدول ينساب
و الشعر عصفور يمد جناحيه ** فوق الشآم و شاعر جواب
فناديته أما إنك لو بقيت في قصائد الغزل أما كان أفضل فدمشق اليوم يتكالب عليها الزمان و مــِنْ مـَن؟؟ ستضحك إن قلت لك !! إنها السخرية!!
و أخمّنُ يا صاح ِ أنك ستقول بسيف الحب سننتصر و القلب الواسع سنحتضن الصفعات و سنردها لهم منارات و أنوار فبلاد الشام ليست قولا فحسب أن الله حاميها , بل هي بالفعل الله حاميها فأجابني بسرعة :
والحب يبدأ من دمشق فأهلنا ** عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا
والخيل تبدأ من دمشق مسارها *** وتشد للفتح الكبير ركاب
فقلت له لم ينقص أن إلا أن تقول لي بأن دمشق منبع العروبة يا نزار اليوم !! منبع العروبة أعداء أجدادنا يا نزار و كأن المقولة (عدو جدِّك لا يَوَدّك) انقرضتْ , فتخيل يا نزار أن نبع العروبة بدأ ينبع هذه الايام من الأتراك و فرنسا و أمريكا و إنكلترا ..,,,..و بعد الحروف عنهم لم تجف على صفحات التاريخ , وهنا لا أدري كيف تلـوّن نزار و صاح:
و دمشق تعطي للعروبة شكلها**و بأرضها تتشكل الأحقاب
فقلتُ دعنا من قصائدك الغنـّاء فـكلمات أغنية من على فضائيات التطنيش نغنيها معاً :
(دو يو ونت مي... دو يو دو يو ***دو يو لف مي دو يو دو يو) و نرقص على ألحانها تساوي كل قصائدك...
فعندها ألحقني نزار بسبابٍ من تحت الزنار و من بعدها قال :
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي** وأعيد لكن ما هناك جواب
فقلت بلا جواب بلا كلام فاضي!!
العنوان واضح غدا سنستقل دولاً , و لكل منها نشيد و عيد
دولة لسيف الدولة , و دولة لسيف الله المسلول , و دولة لسيف المطعون!!
و ستكون كل دولة بحجم دولة قطر , يقودها قائد رَضِعَ من ثدي ديمقراطية أوروبا وأمريكا , له صولجان بل له قرنان , يطأطئ لسيقان الوزارات الخارجات عن القانون , مع تقبيلهم بقبلات تصل حتى أصابع أقدام تلك السيقان!!
وستكون الدبلوماسية بين ما قـُسِّمَ من دول دبلوماسية القبلات الأشبه بعضعضات أنياب الذئاب!!
يا نزار إني أرى كما رأيت ,و ليس من شيمي أن أخوض في أعراضهم و أفتش في أسرارهم و أتتبع عوراتهم و لكن لنا الله الواحد هو المستعان..
فأجابني تقصد أولئك الذين أقول فيهم:
لولا العباءات التي التفوا بها** ما كنت أحسب أنهم أعراب
قبلاتهم عربية ... .من ذا رأى*** فيما رأى قبلا لها أنياب
فقلت له صدقت , فهذه القبلات ليست من أفواه عربية إنما من أدبار لها أذناب!!!
رمحتُ عندها و أنا أصيح أذناب , أذناب , أذناب !!!
و اهتززتُ فانفكت تشنجاتي وبدأ الــزَبَدُ يخرج من فمي
وبدأت أصحو و أهلي من حولي يقولون لي : حمداً لله على سلامتك كانت نوبة قاسية و تشنجاتك قوية و كاد لسانك أن يـُقطع من كزكزة أسنانك عليه لولا صياحك بنهاية النوبة...
وهنا وضعت أمي الغاليه أمة الرزاق بنت عبدالرحمن يدها الحنونه عليَّ و الدموع على وجنتيها وقالت لي : ما الذي يخرج من فمك يا أبني ؟؟؟
فمسحتُ دموعها و قلتُ لها : يا أمي لا تخافي فقد كنتُ مع الشاعر نزار نبصق على الأنذال و على هذا الزمان!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق